ابن الأثير عن بعضهم أنه قال:"أبردوا" أي: صلوها في أوّل الوقت، والأحاديث المذكورة بعده تنافيه.
فإن قلت: رواية الباء على ما ذكَرْتَ؛ فما وجه رواية عن؟ قلت: قال بعضهم: عن زائدة. وقيل: بمعنى الباء؛ فإن حروف الجر بعضُها يقومُ مقامَ بعض.
وقال بعضهم: عن بمعنى الباء؛ كما في قولك: رميت عن القوس. وهذا غلط؛ فإنّ "عن" معناها المجاوزة، واتفاق النحاةُ على أن "عن" في قولك: رميت عن القوس على معنى المجاوزة. وعندي أن معنى الحديث: أبردوا عن الصلاة؛ أي: ادخلوا في البرد مجاوزين عن الصلاة؛ أي: لا تصلوها في أوّل الوقت؛ لأن حقيقة أبرد: دخل في البرد، فَضُمِّنَ معنى المجاوزة (فإنّ شِدَّة الحر من فيح جهنم) الفيح والفوح: سطوع الحرّ وفورانه. وجهنم غير منصرف, لأنه علم عجمي، أو لأنه علمٌ مؤنث.
فإن قلت: تعليل ترك الصّلاة في شدّة الحر بأنه من فيح جهنم؛ ما وجهه؟ قلت: وجه ذلك أنه لا يلائم العبادة؛ فإنّ الإنسان لم يكن في ذلك الوقت على نشاطٍ وأريحية.
٥٣٥ - (بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال المهملة (عن المهاجر) على وزن اسم الفاعل (عن أبي ذر قال: أذَّنَ مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبرد أبرد، أو قال: انتظر، انتظر) الشك من أبي ذر. والمراد: تأخير الإقامة إلى أن يبرد الوقت، (فإذا اشتد الحرّ فأبردوا عن الصلاة حتى رأينا فيء التلول) قوله: "حتى" غاية لفعل مقدر؛ أي: لما قال: أبردوا، أخرّ المؤذن الإقامة إلى أن رأينا فيء التلول. الفَيء لغة الرجوع،