قال ابن الأثير: سُمّيَ الظل الذي يكون بعد الزّوال فيئًا؛ لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق. والتلول: بضم التاء جمع التل، وهو: الرّابية؛ وأراد بالفيء الزائد على ما يبقى عند الزوال؛ فإنّ الذي بالمدينة ما يُرى في التلول إلا إذا زاد على ذلك القدر.
٥٣٧ - ٥٣٨ - (اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا) الاشتكاء: رفع الشكوى على من يقدر على الإزالة؛ واشتكاء النار قيل: مجاز عن فرط الكثرة والغليان. والحقّ أنه محمول على ظاهره؛ كما في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق: ٣٠] وسيأتي في البخاري: أنها تقول: هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول: قط قط. وسيأتي أيضًا مخاصمة الجنة والنار عند ربهما.
وقد تقرر في علم الكلام أنّ قدرته تعالى نسبتها إلى كل الممكنات على السواء؛ فأيُّ وجه لصرف الكلام عن الحقيقة والمعنى الجِزْل الدال على كمال القدرة إلى تلفيق التأويلات الركيكة؟! وإنما يصرف الكلام عن ظاهره إذا لم يستقم، أو كان في الصرف نكتةٌ (فأذن لها بِنَفَسين؛ نَفَس في الشتاء، ونَفسٌ في الصيف) النَفَسُ: ما يستروح به الحيوان من إخراج الهواء المكدّر بواسطة الرّئة، فإنها بمثابة المروحة، تُخرج الهواء المكدَّر، وتجذب الطيب؛ وأصل النفس السّعة. وفيه دليل على بطلان قول من قال: إن الحرارة لازمة للناس؛ بل الحرّ والبرد بإيجاد الفاعل المختار.