للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ،

ــ

فأجاب. ومنه: الندب أي: السنة لأنه مدعو إليه. وحكي عن القاضي: ايتدب بالياء المثناة تحت من المأدبة، قلبت الهمزة ياءً كما في نظائره.

(لمن خَرَج في سبيله لا يُخرجه إلا الإيمانُ أو تصديق برسلي). قال ابن مالك في توضيحه: كان الأليقُ إيمان به بالغيبية، وهذا ذهول منه عن نكتة الالتفات، فإن ضمير المتكلم أعرفُ المعارف. وأيضًا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاكٍ عن الله، فكيف يتصوَّر أن يقال: الأليق غير ما أتى به و"أو" في قوله: أو تصديق برسلي. بمعنى الواو، ويؤيده ما رُوي بالواو. ويجوزُ إبقاء "أو" على معناه، على أن المعنى لا يخرجه إلا الإيمان بما قلتُ في الكتاب من عِظم أجر المجاهد، أو تصديق بما قاله الرسل من بيان أجره.

قال شيخُ الإسلام: رواية (أو) لم تثبت، فعلى هذا لا إشكال، لكن الذي وَقَعنا عليه من النسخ لفظ (أو)، وفي رواية مسلم: "لا يخرجه إلا الإيمان بكلمته". قال النووي: أراد كلمة الشهادة. قلتُ: ويجوزُ أن يُراد بالكلمة: كلامُه تعالى في أجر المجاهد، أو تصديقٌ بما قاله الرسل من بيان أجره، فيوافق الرواية الأولى. وفي رواية مسلم: "إيمانًا وتصديقًا" بالنصب. قال النووي: مفعول تقديره على الغلبة.

(أن أرجعه) -بفتح الهمزة- هي اللغة الفصحى من الرَّجع، وحكى ثعلب ضَمَّ الهمزة. قال الجوهري: هي لغة هُذَيل (أجر أو غنيمة) على سبيل مع الخلو أي: لا تخلو حاله عن الأمرين. ويجوزُ الجمع. وفي رواية يحيى بن يحيى في مسلم، وفي رواية أبي داود بالواو. فيحمل على أن الواو الواصلة بمعنى "أو" الفاصلة، لأن الجمع قد لا يقع فالوجهُ منع الخلو كما ذكرنا؛ لأنّ الإبقاء على ظاهرها يفسد المعنى (أو أدخله الجنة) أي: إذا قتل شهيدًا فهو قسيم الأولين، وما يقال: إن في الشهادة أيضًا أجرًا، كيف يكون قسيمًا ليس له وجهٌ، لأن ذلك الأجر مقيّد بالرجوع حيًّا؟ قال البيضاوي: المراد بإدخاله حين موته، لأن الشهداء

<<  <  ج: ص:  >  >>