للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَهُ قَوْمٌ» فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ. قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا: أَنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ

ــ

قلتُ: للصلاة، ولا ضرورة في الحذف، وإيصال الفعل على ما ذكره، والقبلة لا تحتاج إلى الذكر، فإن سياق الكلام وسباقه في شأنها.

(فخرَجَ رجلٌ ممن صَلَّى معه) قال النووي: هذا عَبَّاد بن بشر بن وقش. وقيل: هو عباد بن نهيك (على مسجد) ويروى أهل مسجد هو مسجد بني حارثة. وأول صلاة صلَاّها الظهر في بني سلمة. وأول صلاة صلاها في مسجده العصر. كذا قاله شيخ الإسلام. وسيروي عن ابن عمر أن الذي جاء أهلَ قباء جاءهم في صلاة الصبح (وهم راكعون) جملة حالية. أي: حين جاء الرجل مخبرًا كانوا في الركوع، أو أريد بالركوع الصَّلاة إطلاقًا لاسم الجزء على الكل. وهذا صريحٌ في أن ما يروى أن تحويل القبلة وقع ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاة ليس بسديد. وكذا ما يقال: إن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - كان في مسجد بني سلمة وقد صلّى الظهر ركعتين، فتحوَّل إلى الميزاب، فداروا كما هم أي: على حالهم لم يستأنفوا الصَّلاة، وذلك المسجد إلى الآن يُسمى ذا القبلتين.

(أشهد بالله) قسمٌ مع المبالغة في الإشهاد بالله؛ لأنَّه بمثابة قسم آخر. وفيه دلالة على جواز الحَلف لتحقق المقام من غير منكر، وليس فيه نسخُ القطعي بالظني؛ لأنَّ الناسخ هو القرآن كما صرَّح به الراوي في بعض طرقه. والراوي مخبرٌ عن الواقعة.

وما يقال: إن هذا الخبر أفاد العلم لأنَّه محفوف بالقرائن ممَّا لا وجه له. أما أولًا فلأنّ هذا ليس خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل أخبر الراوي من عند نفسه عن فعل شاهدَهُ. وأمَّا ثانيًا فلأنّ وجود القرينة ممنوع فضلًا عن القرائن، وأي ضرورة في هذا الدعوى مع اتفاق الصّحابة على قبول خبر الواحد في الوقائع، وقد شاهدوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث الأحكام مع الآحاد إلى الأطراف والملوك.

(وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلِّي قِبَل بيت المقدس) لكونه موافقًا لهم في ذلك. وأهل الكتاب: عطف على اليهود عطف العام على الخاص. أو أُريدَ به النصارى بقرينة تقدم ذكر اليهود. وما يقال: إن النصارى لا يصلون إلى بيت المقدس فلا يَرِدُ؛ لأنهم يعظمون بيت

<<  <  ج: ص:  >  >>