للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: لا ينقض إلا ما كان معتادًا، وهو مذهب المالكية (١).

• وسبب اختلافهم في هذه المسألة:

ذكر ابن رشد سبب الاختلاف، وأسوقه مع تصرف يسير:

يرجع الاختلاف في هذه المسألة إلى أن من الفقهاء من اعتبر في نقض الوضوء الخارج وحده من أي موضع خرج، وعلي أي جهة خرج، فقالوا: كل نجاسة تسيل من الجسد وتخرج منه يجب منها الوضوء كالدم والرعاف والقيء.

واعتبر قوم المخرجين: الذكر والدبر، فقالوا: كل ما خرج من هذين السبيلين فهو ناقض للوضوء، من أي شيء خرج من دم، أو حصى أو بلغم، وعلي أي وجه خرج، سواء كان خروجه على وجه الصحة أو المرض.

وفريق اعتبر الخارج والمخرج وصفة الخروج، فقالوا: كل ما خرج من السبيلين مما هو معتاد خروجه، وهو البول والغائط والمذي والودي والريح إذا كان خروجه على وجه الصحة فهو ينقض الوضوء، فلم يروا في الدم والحصاة والدود وضوء، ولا في السلس كذلك، والسبب في اختلافهم أنه لما أجمع المسلمون على انتقاض الوضوء مما يخرج من السبيلين من غائط وبول وريح ومذي، لظاهر الكتاب ولتظاهر الآثار بذلك، تطرق إلى ذلك ثلاث احتمالات:

أحدها: أن يكون الحكم إنما علق بأعيان هذه الأشياء فقط المتفق عليها على ما رآه مالك رحمه الله.

الاحتمال الثاني: أن يكون الحكم إنما علق بهذه من جهة أنها أنجاس خارجة من البدن، فيكون الوضوء طهارة، والطهارة إنما يؤثر فيها النجس.

الاحتمال الثالث: أن يكون الحكم أيضًا إنما علق بها من جهة أنها خارجة من


(١) الشرح الصغير (١/ ١٣٧)، الخرشي (١/ ١٥٢)، مواهب الجليل (١/ ٢٩١)، حاشية الدسوقي (١/ ١١٥)، أسهل المدارك (١/ ٥٩)، التلقين (ص: ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>