للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالنجاسة لولا وجود هذه العلة، فإنه قال: إنها من الطوافين عليكم، يعني: رفع الحكم بنجاسته دفعًا للحرج والمشقة علينا، لوجود علة التطواف، ومشقة التحرز منها، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فلو كان جنس الهر لا يطوف علينا، وتوحش لكان مقتضى التعليل أن يعود الحكم عليها بالنجاسة، والله أعلم.

وهذا أقوى دليل في نظري على الحكم بنجاسة كل حيوان محرم الأكل.

• وقد يجاب عنه:

بأن يقال: إن قوله: (إنها من الطوافين عليكم) تعليل لكون الله سبحانه وتعالى خلقها طاهرة، أي كيف تكون نجسة، وهي من الطوافين عليكم؟ فلأجل ذلك لم يخلقها الله تعالى نجسة، ولا يستفاد من ذلك العكس، أن ما لم يكن طوافًا كان نجسًا؛ لأن هذا يقتضي أن الأصل هو النجاسة، ومعلوم أن النجاسة حكم شرعي ناقل عن الأصل: الذي هو الطهارة.

• دليل من قال بالطهارة:

[الدليل الأول]

قالوا: الأصل في الأشياء الطهارة، ولا نحكم بنجاسة عين إلا لدليل صحيح صريح يقتضي النجاسة، ولا دليل هنا.

قال النووي رحمه الله مع أنه يتبنى مذهب الشافعية، قال: ليس لنا دليل واضح على نجاسة الخنزير في حياته (١). وهذا من تمام عدله وإنصافه.

[الدليل الثاني]

إن تحريم أكل لحم الخنزير لا يقتضي نجاسته حال الحياة، فالحمار والبغل والهر محرمة الأكل، ومع ذلك هي طاهرة على الصحيح.


(١) المجموع (٢/ ٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>