ويرد على هذا القول جواز اتخاذ الحلي للنساء من النقدين، وجعلهما سبائك ونحوها مما ليس بآنية ولا نقد. وقيل: علة التحريم هي السرف والخيلاء وكسر قلوب الفقراء. ويجاب عنه: بجواز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة، وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة، ولم يمنعها إلا من شذ، وقد نقل ابن الصباغ في الشامل الإجماع على الجواز (وإن كان الخلاف محفوظًا وقد أشرت إلى الخلاف فيما سبق). كما أن كسر قلوب الفقراء لا ضابط له، فإن قلوبهم تنكسر بالدور الواسعة، والحدائق الجميلة، والمراكب الفارهة، والملابس الفاخرة، والأطعمة اللذيذة، وغير ذلك من المباحات. وقيل: العلة التشبه بالكفار. قال الحافظ: وفي ذلك نظر لثبوت الوعيد لفاعله، ومجرد التشبه لا يصل إلى ذلك. اهـ ويجاب: بأن التشبه قد يصل إلى الشرك، وقد ينزل إلى مرتبة ما يسمى خلاف الأولى، ولا يبلغ حتى الكراهة، كالصلاة في النعل، والأصل في النهي عن التشبه حمله على الكراهة إلا لقرينة. قيل: إن العلة ما يكسب استعمالها القلب من الهيئة والحالة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة، ولهذا علل النبي صلى الله عليه وسلم بأنها للكفار في الدنيا؛ إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا، وإنما يستعملها من خرج من عبوديته ورضي بالدينا وعاجلها، وهذه العلة والتي قبلها قريبتان. وقيل: العلة التشبه بأهل الجنة، قال تعالى: -يطاف عليهم بآنية من فضة- انظر فتح الباري (١٠/ ١٠٠)، وزاد المعاد (٣/ ١٧٨)، نيل الأوطار (١/ ٦٧). (١) التمهيد (١٦/ ١٠٥).