للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• دليل المالكية على اعتبار الثلث:

المالكية يجعلون الزيادة على الثلث في كثير من الأمور فرقًا بين القليل والكثير، ويستدلون بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، (٩٦٥ - ٤٢) فقد روى البخاري من طريق عامر بن سعد، عن سعد، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا مريض بمكة، فقلت: لي مال، أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ... الحديث، والحديث رواه مسلم (١).

ومع أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن يستثني الإنسان من ماله مقدار الثلث، وبين أن يأخذ الأجنبي من ماله الثلث فأكثر، كما أن هذا قيل في باب الوصية، فسحب هذا الحكم على كل شيء في أبواب الفقه، في العبادات والمعاوضات، فيجعل ما زاد على الثلث كثير في كل شيء فيه تكلف، وفيه قياس أمور على أخرى دون أن يكون هناك علة جامعة.

• دليل من قال: يلزمه الشراء إذا كان ذا مال ولا تجحف به الزيادة:

أن الله سبحانه وتعالى شرع التيمم بشرط المرض، أو عدم الماء، فقال تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) إلى قوله سبحانه: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) [المائدة: ٦]، فكان المعتبر إما عدم الماء، أو دفع الضرر كما لو كان مريضًا، وإذا كان المعتبر مع وجود الماء هو دفع الضرر، فإن صاحب المال الكثير لن يضره بذل الماء، ولو زاد على ثمنه كثيرًا، وبالتالي لا يشرع له التيمم، ما دام أن الضرر أو عدم الماء غير موجود، وقياسًا على الإسراف، فإن الإسراف في المجتمعات الفقيرة قد يكون من التقتير في المجتمعات الغنية، والله أعلم.


(١) البخاري (٥٣٥٤)، ومسلم (١٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>