للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يقال: إنه نجس، وكذلك الأنصاب والأزلام، والجواب الأول أقوى؛ لأن الغالب في إطلاق لفظة «رجس» على الحيوان إنما يراد بها أنه نجس، وإن كانت تطلق على غير المأكول والمشروب ويراد بها الحرام أحيانًا، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

قالوا: إنه حيوان حرم أكله لا لحرمته، مع إمكان التحرز منه غالبًا أشبه الكلب في النجاسة.

• وأجيب:

بأن الكلب ورد فيه نص على نجاسة سؤره، ووجوب غسل الإناء من ولوغه سبعًا، وحرم اقتناؤه إلا لحاجة، بخلاف الحمار فإنه يجوز اقتناؤه للزينة، ولم يرد نص في غسل الإناء من ولوغه، ولم نؤمر بغسل ما أصاب ثيابنا من عرقه ولعابه، فأين وجه الشبه بين المقيس والمقيس عليه.

وأما القول بأنه يمكن التحرز منه في الغالب ففيه نظر، إذ لا يمكن لراكبه التحرز من عرقه فبدنه يلامس بدن الراكب، فيعرق بدن الحمار خاصة في البلاد الحارة، فيصيب ثياب الراكب وبدنه، ولا بد.

• ذكر ما أوجب للحنفية التوقف في البغل والحمار:

حيث كان التوقف في المسألة لا يعتبر حكمًا، لم أقدم ذكر أدلة الحنفية كالعادة حين ذكر الأدلة؛ فالتوقف ليس من أحكام الشرع، والمتوقف هو ملتبس عليه الأمر، فلم يحرر في المسألة قولًا فضلًا أن يحرر دليلًا، وما أوجب لهم التوقف هو تعارض الأدلة عندهم في طهارة سؤره، وفي حكم لحمه، فجاء عندهم ما يقتضي نجاسة سؤره، وما يقتضي طهارته، وجاء عندهم ما يقتضي تحريم لحمه، وما يقتضي إباحة أكلها، فلما تعارضت الأدلة توقفوا، وجعلوا سؤرهما مشكوكًا فيه:

يقول السرخسي: «أما سؤر الحمار فطاهر عند الشافعي رحمه الله تعالى، وهو قول

<<  <  ج: ص:  >  >>