للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن المنذر: «والذي به نقول: إيجاب الاستنشاق خاصة دون المضمضة، لثبوت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالاستنشاق، ولا نعلم في شيء من الأخبار أنه أمر بالمضمضة» (١).

وقال ابن عبد البر: «وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل المضمضة ولم يأمر بها، وأفعاله مندوب إليها، ليست بواجبة إلا بدليل، وفعل الاستنثار وأمر به، وأمره على الوجوب أبدًا، إلا أن يتبين غير ذلك من مراده» (٢).

وهذا القول أقرب من القول بوجوب المضمضة والاستنشاق، وإن كان قد يقال: إذا لم يصح في المضمضة دليل، فالاستنشاق جزء منه، فيكون الأمر به للاستحباب، وليس للوجوب، وعلى القول بوجوب الاستنشاق في الوضوء فإنه لا يصح دليلًا على وجوبه في الغسل.

• دليل من قال: المضمضة والاستنشاق واجبان في الوضوء دون الغسل:

أدلة هذا القول مركبة من أدلة قولين قد سبقا.

فأدلتهم على وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء هي أدلة الحنابلة، وأدلتهم على كونها سنة في الغسل هي أدلة المالكية والشافعية.

والراجح عندي أن المضمضة سنة في الوضوء والغسل، وأما الاستنشاق فقد يقال بوجوبه في الوضوء دون الغسل، كما هو ظاهر النصوص، وقد يقال بأن المضمضة إذا لم تثبت في الوضوء فالاستنشاق جزء منها، فيكون الأمر بالاستنشاق للاستحباب، وأما قياس الغسل على الوضوء فلا يصح، والله أعلم.

* * *


(١) الأوسط (١/ ٣٧٩).
(٢) التمهيد كما في فتح البر (٣/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>