للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم (١).

وقد يستدل بحديث عائشة على عكس قولهم، فيستدل به على جواز المكث في المسجد لأن قوله: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت). فيقال: إن الاستثناء معيار العموم، فلم يستثن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الطواف، ومعلوم أن الحاج يمكث في المسجد، ولو كان لا يحل لها لنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وبهذا الاستدلال قال ابن حزم، فقد قال: «لو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض لأخبر بذلك عليه السلام عائشة إذ حاضت فلم ينهها إلا عن الطواف في البيت، ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف» (٢).

وهذا الاستدلال فيه نظر؛ لأن الطواف استثني من أعمال المناسك:

فكأنه قال: افعلي جميع المناسك ما عدا الطواف، والمكث في المسجد ليس من الأعمال الخاصة بالمناسك، والله أعلم.

[الدليل الرابع]

القياس على الجنب. فإذا كان الجنب ممنوعًا من المكث في المسجد كانت الحائض أولى؛ لأن حدث الحيض أغلظ؛ حيث تمنع من الصيام ولا يمنع الجنب من ذلك ولا تقضي الحائض الصلاة، والجنب مأمور بفعلها إذا تطهر.

والدليل على منع الجنب قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: ٤٣].

(١٨٢٧ - ٢٨٧) فقد روى عبد الرزاق، قال: عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن عبد الله،


(١) صحيح البخاري (٣٠٩).
(٢) المحلى مسألة (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>