للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فما دام أنه لم يأت ما يبطل تيممه، ولم يشرع له تجديد التيمم، فيبقى على طهارته، هذا وجه استدلال الحنفية من الحديث القائلين بأن التيمم يرفع الحدث.

وأما وجه استدلال الحنابلة القائلين بأن التيمم لا يرفع الحدث، وإنما هو مبيح، يرون أن التيمم إذا استباح به فعل الفريضة استباح به ما كان من جنسها، ولا فرق بين فريضة وأخرى، وأما إذا استباح به نافلة، فلا يستبيح به ما هو أعلى منها كالفريضة، فإذا تيمم للفريضة صلى به ما شاء من الفرائض والنوافل حتى يخرج وقت الصلاة، أو يجد الماء، أو يحدث، فليس الفراغ من الفريضة حدثًا يبطل التيمم حتى نوجب للفريضة الأخرى تيممًا آخر، والله أعلم.

[الدليل الثاني]

روى ابن المنذر من طريق إسرائيل، عن أبي عمر، عن عكرمة،

عن ابن عباس، قال: يجزئ المتيمم أن يصلي الصلوات بتيمم واحد (١).

[الدليل الثالث]

قال تعالى: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ... ثم قوله في سياقه: (فَتَيَمَّمُوا) فأمر بالصلاة بالتيمم على الوجه الذي أمر بها بالوضوء، فلما لم تقتض الآية تكرار الوضوء لكل صلاة لم تقتض تكرار التيمم (٢).

وقال مالك: من قام إلى الصلاة، فلم يجد ماء، فعمل بما أمره الله به، من التيمم، فقد أطاع الله، وليس الذي وجد الماء، بأطهر منه، ولا أتم صلاة؛ لأنهما أمرا جميعًا،


(١) الأوسط (٢/ ٥٨)، وإسرائيل يروي عن شيخين كل واحد منهما يقال له أبو عمر، الأول:
عبد الملك بن عمير، والثاني: هلال بن أبي حميد، وقد ترجم لهما المزي، ولم أجد من شيوخهما عكرمة حتى أجزم بأحدهما، فقد يكون فات المزي ذكر ذلك، فإن كان عبد الملك فإنه ثقة، تغير حفظة بآخرة، وربما دلس، وإن يكن هلال بن أبي حميد فهو ثقة إن شاء الله تعالى، فأرجو أن يكون إسناده صحيحًا.
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>