للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقصوده أن خبر الآحاد لا يوجب العلم بل يوجب مجرد الظن فغير مسلم؛ لأن قوله: «لا يوجب علم اليقين» فاليقين يقابله الشك والظن، والصحيح أن خبر الآحاد يوجب العلم، وإن كان قد يتفاوت فالحديث المشهور ليس كالغريب، والمتفق عليه ليس كالحديث الذي انفرد به أحد الصحيحين، لكن دلالته على العلم ثابتة وكون التصور العقلي لا يمنع خطأ الثقة، لو فتحنا هذا التجويز العقلي لهدمت أدلة الشرع، وأصبح الدليل الشرعي إذا لم يوافق هوى المبتدع أدخل فيه احتمال الخطأ من الثقة، فالأصل عدم الخطأ، ولا يحكم بخطأ الثقة إلا بدليل واضح بين.

ثانيًا: الأدلة من الشرع على قبول خبر الآحاد في أمور الاعتقاد، وفي الأمور العملية أكثر من أن تحصى وليس هذا موضع بحثها، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم اكتفى بتبليغ الشرع وقيام الحجة بخبر الآحاد، فأرسل رسله إلى الملوك ليبلغوا عنه رسالته. وقامت الحجة على هؤلاء بهؤلاء الرسل وهم آحاد.

وإن كان مقصوده بأن خبر الآحاد لا يوجب العلم اليقيني، بل يوجب العلم النظري، المتوقف على النظر والاستدلال والبحث عن أحوال الرجال فلا نزاع في هذا، لكنه بعد البحث والاستدلال يفيد العلم القطعي إذا خلص الباحث إلى صحة الحديث (١)، فإذا دل خبر الآحاد على اشتراط شيء قلنا: إنه شرط ولو كان صادرًا من خبر الآحاد. والله أعلم.

• أدلة من قال: تسقط الطهارة بالعجز ويصح طوافها:

[الدليل الأول]

قالوا: إن جميع الشروط والواجبات في العبادة معلقة بالقدرة، فمن عجز عن تحقيق شرط، أو ركن أو واجب سقط عنه.


(١) وهذا اليقين لا يحصل إلا عند طالب الحديث، وهو ما يتميز به عن غيره من طلبة العلم، ومن لم يشتغل بالحديث فليس له إلا التقليد، والتقليد لا يعطي القلب هذا اليقين الجازم وإذا ما تعارض عند المقلد تصحيح وتضعيف في حديث واحد عن الأئمة فلا تسأل عن حاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>