أقصى ما يدل عليه الفعل إذا كان على وجه التعبد، ولم يكن بيانًا لمجمل أن يدل على الاستحباب، ولذلك لما تيمم الرسول صلى الله عليه وسلم لرد السلام، لم يقل أحد بوجوب التيمم لرد السلام.
وقال ابن المنذر:«وليس يخلو هذا الحديث من أمرين: إما أن يكون ثابتًا، أو غير ثابت. فإن كان ثابتًا فليس فيه دليل على وجوب الوضوء منه؛ لأن في الحديث أنه توضأ، ولم يذكر أنه أمر بالوضوء منه، كما أمر بالوضوء من سائر الأحداث.
وإن كان غير ثابت، فهو أبعد من أن يجب فيه فرض» (١).
ثانيًا: أن الاستدلال بهذا الحديث مبني على أن القيء نجس، والقيء ليس بنجس على الصحيح، بل هو طاهر، وقد بينت طهارته ولله الحمد في كتاب أحكام النجاسات.
الثالث: أن القيء لا يفطر إلا ما كان منه على وجه التعمد، والحديث المحفوظ فيه أنه قاء، وليس استقاء إلا أن يكون ذلك في صيام النفل، ولا سبيل إلى معرفته من الحديث.
الرابع: أن الوضوء قد يكون بعد القيء من أجل النظافة وإزالة القذر الذي يبقى في الفم، وربما في الأنف، وما يصيب البدن منه، لا من أجل كون القيء حدثًا ناقضًا للوضوء، فلا نستطيع أن نحكم على من تطهر بموجب الكتاب والسنة، أن نحكم عليه بفساد عبادته إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، والله أعلم.
* الدليل الثالث:
(٣٩٢ - ٢٤٦) ما رواه ابن ماجه، من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة،
عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي