قال ابن القيم: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقله: وهو غمسه في الطعام، ومعلوم أنه يموت من ذلك، ولاسيما إذا كان الطعام حارًّا، فلو كان ينجسه لكان أمرًا بإفساد الطعام، وهو صلى الله عليه وسلم إنما أمر بإصلاحه، ثم عدي هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة كالنملة والزنبور والعنكبوت وأشباه ذلك إذ الحكم يعم بعموم علته، وينتفي بانتفاء سببه، فلما كان سبب التنجس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته، وكان ذلك مفقودًا في ما لا دم له سائل انتفى الحكم بالتنجس لانتفاء علته (١).
وإذا كان لا ينجس بالموت، لم ينجس في الحياة من باب أولى.
[الدليل الرابع]
أن هذه الحيوانات مما يشق الاحتراز منها، فلو حكمنا بنجاستها لوقع الناس في الحرج؛ لأنه يتعذر صون الأواني عنها، والحرج مرفوع عن هذه الأمة، (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج: ٧٨].