السؤال كان عن ترك الرأس شعثًا، وإلا كل ما فيه تنعم وترفه، فإن المؤمن منهي عن الإكثار منه؛ لأن المؤمن لا يذهب طيباته في حياته الدنيا، وإنما هذا شأن الكفار، قال سبحانه:(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ)[الأحقاف: ٢٠].
• وأجيب:
بأن الحمام يختلف اتخاذه من بلد لآخر، فالحمام في البلاد الحارة كالبلاد الحجازية يمكن أن يكون من الترفه، وعليه يحمل كلام ابن عمر رحمه الله المتقدم ذكره في الدليل الثاني، وأما اتخاذه في البلاد الباردة، لاسيما في العصور المتقدمة كان من الضرورة، حيث لم يكن موجودًا في ذلك العصر وسائل تسخين للمياه، وقد يكون الغسل واجبًا، أو مستحبًا، ثم على التسليم أن دخول الحمام من الترفه، فإن الترفه ليس من المحرمات، فقد يكون من باب المكروهات، والمكروه يرتفع بالحاجة، (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)[الأعراف: ٣٢]، فلا يؤمر الإنسان أن يغتسل بالماء البارد لاسيما في البلاد الباردة، وهو قادر على استعمال الماء الحار في استعمال مياه الحمام، والله أعلم.
[الدليل الرابع]
(٨٥٨ - ١٧٨) ما رواه الطبراني من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم،
عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن إبليس لما أنزل إلى الأرض، قال: يا رب أنزلتني إلى الأرض، وجعلتني رجيمًا، أو كما ذكر، فاجعل لي بيتًا، قال: الحمام .... » وذكر الحديث بطوله (١).