كيف يظن بالصحابة رضي الله عنهم بأنهم تركوا ظاهر القرآن، وخالفوه بالمسح على الجوربين.
قال ابن القيم:«الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفوا تأويله، مسحوا على الجوربين، وهم أعلم الأمة بظاهر القرآن، ومراد الله منه»(١).
الوجه الثالث:
إذا كان ظاهر القرآن لا ينافي المسح على الخفين، فكذلك لا ينافي المسح على الجوربين.
الوجه الرابع:
أن الحكمة التي شرع من أجلها المسح على الخفين موجودة في المسح على الجورب.
[الدليل الثاني]
المسح على الجوربين لا يثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذين مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم كانا من صوف، ولم يثبت هذا قط، وإنما قلنا بجواز المسح على الجوربين إذا كانا مجلدين لأنهما في معنى الخف، والخف لا يكون إلا من أديم، نعم لو كان الحديث قوليًا، بأن قال النبي صلى الله عليه وسلم: امسحوا على الجوربين، لكان يمكن الاستدلال بعمومه على كل أنواع الجوارب.
فإن قلت: ويحتمل أن يكون الجوربان اللذان مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم من صوف.
قيل: الاحتمال وارد، لكن الأحكام لا تثبت بالاحتمالات، والأصل الغسل، والاحتياط للعبادة أن نقصر المسح على الخف أو على جوارب مجلدة أو منعلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.