للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الثاني]

(٩٩٢ - ٦٩) استدلوا بما رواه مسلم في صحيحه من طريق أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش،

عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء، وذكر خصلة أخرى.

وجه الاستدلال:

أن الحديث جعل الأرض كلها مسجدًا، وخص الطهورية بالتربة، وأخرج ذلك في مقام الامتنان وبيان الاختصاص فلولا أن الطهورية لا تعم جميع أجزاء الأرض لكان ذكر التربة لا معنى له، بل كان زيادة في اللفظ، ونقصًا في المعنى، وهذا لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم (١).

وهذا أقوى دليل لمن اشترط التراب، وأجيب عنه بأجوبة منها:

الأول: أن حديث جابر: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا منطوقه يدل على أن جميع الأرض طهور.

وحديث حذيفة منطوقه يدل على أن التراب طهور، فمنطوقه موافق لمنطوق حديث جابر.

ومفهوم حديث حذيفة: أن غير التراب ليس مطهرًا، وإذا تعارض في غير التراب دلالة المفهوم الذي يقتضي عدم طهوريته، ودلالة المنطوق الذي يقتضي طهوريته، فالمنطوق مقدم على المفهوم؛ لأن دلالة المفهوم دلالة ضعيفة، بخلاف المنطوق، ولا يمكن أن نخصص أو نقيد بالمفهوم (٢).


(١) شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٢١١).
(٢) التخصيص بالمفهوم محل خلاف بين الأصوليين، وتحريرها في كتب الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>