للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن عبد البر: «وهذا الحديث يدخل في المسند بالمعنى والنظر؛ لأنه محال أن ترى عائشة نفسها في رأيها حجة على غيرها من الصحابة حين اختلافهم في هذه المسألة النازلة بينهم، ومحال أن يسلم أبو موسى لعائشة قولها من رأيها في مسألة قد خالفها فيها من الصحابة غيرها برأيه؛ لأن كل واحد ليس بحجة على صاحبه عند التنازع؛ لأنهم أمروا إذا تنازعوا في شيء أن يردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلك على أن تسليم أبي موسى لعائشة في هذه المسألة إنما كان من أجل أن علم ذلك كان عندها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلذلك سلم لها؛ إذ هي أولى بعلم مثل ذلك من غيرها» (١).

قلت: وقولها: على الخبير سقطت إشارة إلى أنها لا تتكلم إلا عن علم فإن معنى خبر الأمر أي علمه والخُبْرُ بالضم: هو العلم بالشيء، والخَبِيرُ العالم (٢).

وأما الأدلة التي تصرح أن عدم الغسل كان في أول الأمر ثم نسخ، فمنها:

[الدليل الثالث]

(٦٩٤ - ١٤) روى أبو داود، قال: حدثنا محمد بن مهران البزاز الرازي، حدثنا مبشر الحلبي، عن محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد،

حدثني أبي بن كعب أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة


= وقد سبق لي الكلام على هذا الطريق بالذات في الطهارة من الحيض والنفاس رقم (١٦١٩)، فأغنى عن إعادته هنا، والله أعلم.
هذا ما تيسر لي الوقوف عليه من طريق عائشة، وأقوى الطرق عنها ما جاء من طريق سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وميمون بن مهران، وقد رووا الحديث عنها موقوفًا، وقد أخرجه مسلم من طريق أبي موسى الأشعري عنها مرفوعًا، وكما ذكرت في المتن أن الموقوف له حكم الرفع، والله أعلم.
(١) التمهيد (٢٣/ ١٠٠).
(٢) مختار الصحاح (ص: ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>