رفع الإثم، لا في إسقاط الواجب المأمور به، كما قلنا: في صلاته، ناسيًا الحدث، فإنه يجب عليه أن يتطهر ويصلي، فكذلك هنا.
• ويُجاب عن هذا.
إذا عجز الإنسان عن استعمال الماء صح تيممه كالمريض، وهذا الناسي غير قادر على استعمال الماء، فإمكان وقوع التيمم يقف على القدرة، والقدرة إنما تتصور مع العلم بمكان المقدور عليه، فإذا لم يعلم اختل شرط القدرة، وإذا لم يقدر صار عاجزًا، وإذا عجز أبيح له التيمم، وإذا أبيح له ذلك لم يلزم بالإعادة، ويفارق من حاله هذا حال من صلى بدون طهارة؛ لأن من صلى بدون طهارة لم يأت بالمأمور أصلًا، بينما هذا كان المأمور في حقه التيمم بدليل أنه لو ترك التيمم حتى خرج وقت الصلاة أثم لتفريطه، فإذا كان التيمم هو الطهارة في حقه، فكيف يقاس من نسي الطهارة بالكلية على من قام بها.
[الدليل الثالث]
أن الله سبحانه وتعالى قال:(فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً) فاشترط عدم وجود الماء، ولم يشترط عدم العلم بوجود الماء، وبينهما فرق.
• الراجح:
القولان فيهما قوة، وكل قول له وجه، والنفس تميل إلى القول بصحة تيممه، إلا أن ذلك ينبغي أن يكون مشروطًا بأن يكون الرجل قد قام بما يعتقد أنه يلزمه من البحث عن الماء حوله حتى غلب على ظنه عدم وجود الماء، فإن لم يقم بطلب الماء حوله، فإنه يكون بذلك قد قصر في القيام بما يجب عليه، ويكون القول بالإعادة في هذه الحالة فيه قوة واحتياط، والله أعلم.