للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ) [البقرة: ١٨٤].

وقال صلى الله عليه وسلم: (يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليها) فلو كان سفر المعصية غير داخل في النصوص لبينه الشرع: (وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) [مريم: ٦٤]. ولا يجوز تقييد ما أطلقه الله سبحانه، وأطلقه رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بنص أو إجماع، وما دام الإذن مطلقًا بالمسح فلا مانع أن يمسح المسافر، ولو كان عاصيًا بسفره.

[الدليل الثاني]

أن السفر نفسه لا يوصف بطاعة ولا معصية، وإنما تكون المعصية أو الطاعة مما يفعل فيه، فلا يقال: سفر طائع، أو عاص، وإنما يتصف بالطاعة والمعصية العبد بحسب أفعاله.

[الدليل الثالث]

أن المقيم قد يكون على معصية وظلم للمسلمين وعدوان عليهم وفي ذلك ما هو أشد أحيانًا من سفر المعصية بل أنكم ترون المسح على الخفين من باب الرخص، ومع ذلك تسمحون للمقيم أن يمسح، ولو كانت إقامته للمعصية، فيكون استباح الرخصة بالمعصية، فينتقض دليلكم.

[الدليل الرابع]

القياس على من نوى سفرًا مباحًا، ثم نوى المعصية بعده، فإذا كان هذا يمسح، فكذلك العاصي بسفره؛ إذ لا فرق (١).


(١) قال النووي في المجموع (٤/ ٢٢٣): «فأما من خرج بنية سفر مباح، ثم نقله إلى معصية، ففيه وجهان مشهوران، حكاهما الشيخ أبو حامد والبندنيجي وجماعات من العراقيين وإمام الحرمين وجماعات من الخرسانيين.
أحدهما: يترخص بالقصر وغيره؛ لأن السفر انعقد مباحًا مرخصًا فلا يتغير، قال إمام الحرمين: وهذا ظاهر النص.
وأصحهما: لا يترخص من حين نوى المعصية؛ لأن سفر المعصية ينافي الترخص». إلخ كلامه رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>