للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وأجيب عن هذا الدليل:

أما كونه لما طاف توضأ، فهذا وحده لا يدل على الوجوب؛ فإنه كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة حتى ولو كان طاهرًا، وتيمم لرد السلام، وقال: إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر.

• وأما الجواب عن قوله: لتأخذوا عني مناسككم:

قال ابن القيم: «أن نفعل كما فعل على الوجه الذي فعل، فإذا كان قد فعل فعلًا على وجه الاستحباب، فأوجبناه لم نكن قد أخذنا عنه وتأسينا به، مع أنه صلى الله عليه وسلم فعل في حجته أشياء كثيرة جدًّا لم يوجبها أحد من الفقهاء» (١).

وعلى كل حال، لا أرى الاستدلال بمثل هذا الأمر العام المشتمل على أحوال وهيئات، وصفات وأقوال، أحكامها مختلفة، لا أرى أن يستدل على وجوبها بهذا العموم، فقوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) يدل على كونه مشروعًا، وأنه من أفعال المناسك، أما دلالته على الوجوب فيحتاج إلى دليل خاص، كما أن دلالته على الشرطية أو الركنية يحتاج إلى دليل خاص كذلك، فإذا كان ورود الأمر الخاص فيه نزاع في دلالته على الوجوب كما هو معلوم في أصول الفقه، فما بالك في حديث: (خذوا عني مناسككم) والذي يشمل جميع أفعال المناسك.

[الدليل الثالث]

دل الدليل على منع الجنب من المكث في المسجد، ويلزم من طواف الجنب المكث فيه؛ لأن الطواف متعلق بالبيت، والبيت في وسط المسجد الحرام، والدليل على منع الجنب من المكث في المسجد، من الكتاب ومن السنة، أما الكتاب: فقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) [النساء: ٤٣].


(١) تهذيب السنن (١/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>