للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الثاني]

أن التحرز منه يشق، فعفي عنه، لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج: ٧٨].

قال أبو الخطاب: ما لا يمكن التحرز منه لا يحرج به الشرع، بل يعفو عنه كأثر الاستنجاء، والتراب القليل في الأموال الربوية، وملاقاة الماء للنجاسة قبل الانفصال، والعمل القليل في الصلاة، ويسير الدماء وغير ذلك (١).

[الدليل الثالث]

قدمت الخلاف في أقسام المياه، وأن وجود ماء طاهر غير مطهر لا يثبت من حيث الأدلة، وأن الماء قسمان طهور ونجس، ولا ثالث لهما، فكل دليل ذكرته في تلك المسألة يصلح أن يكون دليلًا لهذه المسألة، والله أعلم.

• دليل من قال إن الماء طاهر غير مطهر:

قالوا: إذا تغير الماء بشيء طاهر فإنه يسلبه الطهورية، لا فرق بين ما يشق وما لا يشق؛ لأن العلة هي التغير بشيء طاهر وقد حصل، وذلك أن الحكم بتغير الماء حكم وضعي، فكما أن النجاسة إذا وقعت في الماء فغيرته يكون نجسًا، لا فرق بين نجاسة يشق التحرز عنها وبين غيرها، فكذلك الطاهر إذا وقع في الماء فإنه يسلبه الطهورية لا فرق بين ما يشق، وبين ما لا يشق.

وهذا القول صحيح لو سلمنا أن الماء إذا تغير بشيء طاهر لا يشق التحرز منه يصبح طاهرًا، ولكن الصحيح أن الماء طهور، ولو تغير طعمه ولونه ورائحته بشيء طاهر وضع فيه ما لم يخرج عن مسمى الماء؛ لأن الماء كما قدمنا قسمان لا ثالث لهما، وقد ذكرت أحاديث كثيرة تدل على التطهر بالماء الذي تغير بشيء طاهر، مثل حديث:


(١) الانتصار (١/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>