للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في مراقي الفلاح: «فيقصر فرض الرباعي من السفر، ولو كان عاصيًا بسفره، كآبق من سيده، وقاطع طريق، لإطلاق الرخصة» (١).

[الدليل الثالث]

أن الإقامة نفسها ليست معصية؛ لأنها كف، وإنما الفعل الذي يوقعه في الإقامة معصية، والسفر وسيلة للمعصية، والوسائل لها أحكام المقاصد، فما كان وسيلة للمعصية فهو معصية، لهذا ما زاد على اليوم والليلة إنما يستبيحه بسبب سفر المعصية، والرخص لا تستباح بالمعاصي، وذلك أن الترخص تخفيف، والتخفيف على العاصي إعانة له على معصيته، والله يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: ١].

• ويجاب:

قال ابن تيمية: «قولهم: إن هذا إعانة على المعصية فغلط؛ لأن المسافر مأمور بأن يصلي ركعتين، كما هو مأمور إذا عدم الماء في السفر المحرم أن يتيمم ويصلي، وما زاد على الركعتين ليست طاعة ولا مأمورًا بها أحد من المسافرين، وإذا فعلها المسافر كان قد فعل منهيًا عنه، فصار صلاة الركعتين مثل أن يصلي المسافر الجمعة خلف مستوطن، فهل يصليها إلا ركعتين، وإن كان عاصيًا بسفره، وإن كان إذا صلى وحده صلى أربعًا. وكذلك صومه فى السفر ليس برًا، ولا مأمورًا به؛ فإن النبى صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: ليس من البر الصيام فى السفر، وصومه إذا كان مقيمًا أحب إلى الله من صيامه فى سفر محرم، ولو أراد أن يتطوع على الراحلة فى السفر المحرم لم يمنع من ذلك، وإذا اشتبهت عليه القبلة أما كان يتحرى ويصلي، ولو أخذت ثيابه أما كان يصلي عريانًا.

فإن قيل: هذا لا يمكنه إلا هذا. قيل: والمسافر لم يؤمر إلا بركعتين، والمشروع فى حقه أن لا يصوم، وقد اختلف الناس لو صام، هل يسقط الفرض عنه؟ واتفقوا على أنه إذا صام بعد رمضان أجزأه، وهذه المسألة ليس فيها احتياط، فإن طائفة يقولون:


(١) مراقي الفلاح (ص: ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>