للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

*الدليل الثالث:

(١٨٠ - ٣٤) قال النبي صلى الله عليه وسلم: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (١).

فإذا قصد المسلم الأمرين (نظافة الفم ومرضاة الرب) في التسوك لم يكن ذلك قادحًا في نيته، فكذلك الوضوء طهارة حسية للأعضاء، وطهارة معنوية من الذنوب، فلو نوى الطهارتين لم يكن ذلك قادحًا في النية، والله أعلم.

ولأن الواجب هو نية رفع الحدث فإذا نوى ذلك فقد أتى بما هو واجب عليه، وكونه ينضم إلى هذه النية نية التبرد فإن هذا لا ينافي رفع الحدث؛ لأن غسل أعضاء الوضوء يتضمن التبرد فهو حاصل له نواه أو لم ينوه، ولا تقدح في الإخلاص حتى يقال: إن النية ليست خالصة.

[دليل من قال: لا يرتفع حدثه]

قال ابن حزم في ذكر دليله: إن خلط بنية الطهارة للصلاة نية لتبرد أو لغير ذلك لم تجزه الصلاة بذلك الوضوء. برهان ذلك قول الله تعالى:

(وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) [البينة: ٥].

فمن مزج بالنية التي أمر بها نية لم يؤمر بها، فلم يخلص لله تعالى العبادة بدينه ذلك، وإذا لم يخلص فلم يأت بالوضوء الذي أمره الله تعالى به، فلو نوى مع وضوئه للصلاة أن يعلم الوضوء من بحضرته أجزأته الصلاة به؛ لأن تعليم الناس الدين مأمور به وبالله تعالى التوفيق (٢).

والراجح القول الأول، وهو أن نية التبرد تدخل تبعًا، ولا تؤثر في النية، وقد قام بما هو واجب عليه من نية رفع الحدث، والله أعلم.

* * *


(١) انظر تخريجه في المجلد العاشر، رقم (٢٢٨٦).
(٢) المحلى (١/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>