للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الكلام ليس دقيقًا؛ لأن هناك فرقًا بين أن أقول الطواف كالصلاة في الأجر والمثوبة، وبين أن أقول: الطواف صلاة إلا في الكلام، فهذا واضح أن الحديث لم يتعرض للثواب، وإنما تعرض فيما يجب ويلزم ويمنع.

الجواب الثالث:

نفسي تميل إلى أن المحفوظ في لفظه: الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام، فيكون المقصود بأن الطواف دعاء، فأقلوا فيه الكلام، ولا يقصد بالصلاة الحقيقة الشرعية.

فإن قيل: أليس بعد الطواف صلاة ركعتين؟ والصلاة تشترط فيها الطهارة، من أجل هذا يلزمه أن يطوف متطهرًا.

فالجواب:

قال ابن تيمية: «وجوب ركعتي الطواف فيه نزاع، وإذا قدر وجوبهما لم تجب فيها الموالاة، وليس اتصالهما بالطواف بأعظم من اتصال الصلاة بالخطبة يوم الجمعة، ومعلوم أنه لو خطب محدثًا ثم توضأ وصلى الجمعة جاز، فلأن يجوز أن يطوف محدثًا، ثم يتوضأ، ويصلي الركعتين بطريق الأولى.

وهذا كثيرًا ما يبتلى به الإنسان إذا نسي الطهارة في الخطبة والطواف، فإنه يجوز له أن يتطهر ويصلي. وقد نص على أنه إذا خطب، وهو محدث جاز» (١).

[الدليل الخامس على اشتراط الطهارة.]

استدل بعضهم بقوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَاّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [الحج: ٢٦].

وجه الاستدلال من وجهين:

الأول: أن الطواف ذكر مع الصلاة، فإذا كانت الصلاة تشترط لها الطهارة، فكذلك الطواف، بل إن تقديم الطواف على الصلاة يدل على أن الطهارة فيه أولى.


(١) مجموع الفتاوى (٢٦/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>