فقيل: يشترط أن يريقهما حتى يسوغ له التيمم، لقوله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) وهنا الماء الطهور موجود لا بعينه، وحتى يباح له التيمم ينبغي أن يكون عادمًا للماء الطهور حسًا، فوجب أن يريقه. وقيل: له أن يتحرى إذا كثر عدد الطهور. قال ابن رجب في القواعد صححه ابن عقيل، وهل يكفي مطلق الزيادة ولو بواحد، أو لابد أن تكون الزيادة عرفًا، أو لابد أن تكون تسعة طاهرة وواحد نجسًا، أو لا بد أن تكون عشرة طاهرة وواحد نجسًا، فيه أربعة أقوال، قدم في الفروع: أنه يكفي مطلق الزيادة. قال في الإنصاف: وهو الصحيح. انظر في مذهب الحنابلة: الفروع (١/ ٦٤)، المحرر (١/ ٧)، عمدة الفقه (١/ ٤)، كشاف القناع (١/ ٤٧)، شرح الزركشي (١/ ١٤٩، ١٥٠)، الإنصاف (١/ ٧١ - ٧٤)، المغني (١/ ٤٩، ٥٠). واختلف النقل عن ابن تيمية في هذه المسألة، فقد نقل ابن قاسم في حاشيته (١/ ٩٤) عن ابن تيمية بأن اجتنابهما جميعًا واجب؛ لأنه يتضمن لفعل المحرم وتحليل أحدهما تحكم، حتى نقل رحمه الله الإجماع على ذلك حيث قال: لا أعلم أحدًا جوزه. اهـ ونقل ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان (١/ ٧٧) عنه أنه يتوضأ بأيهما شاء، بناء على أن الماء لا ينجس إلا بالتغير. ولا شك أن نقل تلميذه مع كونه موافقا للقواعد، هو أقرب عهدًا به من غيره، وأعلم من غيره بمذهبه، خاصة إذا كان التلميذ مثل ابن القيم، وانظر الفتاوى الكبرى (١/ ٢٣٩، ٢٤٠). وانظر قول سحنون في التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٧٥).