يوضح هذا أكثر أن الله سبحانه وتعالى حرم علينا الدم المسفوح، قال سبحانه وتعالى:(قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ)[الأنعام: ١٤٥].
وعفا عن غير الدم المسفوح، مع أنه من جنس الدم، والله سبحانه وتعالى حرم ما مات حتف أنفه، أو بسبب غير جارح محدد، فحرم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة، والفرق بينهما إنما هو في سفح الدم، فدل على أن سبب التنجس هو احتقان الدم واحتباسه، ثم قال: ولا يعارض هذا بتحريم تذكية المرتد والمجوسي، ولو سفح الدم؛ لأن التحريم تارة يكون لاحتقان الدم، كما هو الحال في المتردية والنطيحة، وما صيد بعرض المعراض، وتارة تكون لفساد التذكية، كذكاة المجوسي والمشرك (١).
[دليل من قال: يعطى حكم ما تولد منه]
نظر الحنابلة إلى أصله، فإن تولد من نجس فهو نجس حيًا وميتًا، وإن تولد من طاهر فهو طاهر حيًا وميتًا، فالفرع له حكم أصله، ولا تأثير للاستحالة، ولا حكم للموت في نجاسته أو طهارته.
وسبق ذكر دليلهم ومناقشته عند الكلام على طهارة ما لا نفس له سائلة، في حال الحياة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، والحمد لله.
والراجح:
أن ما لا نفس له سائلة طاهر حيًا وميتًا مطلقًا، سواءً تولد من طاهر أو من نجس، وسواءً مات فيما تولد منه أو في غيره، والله أعلم.