للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهي القلب، ورواه مسلم أيضًا (١).

[- دليل من قال: العقل في الدماغ]

لم أقف على شيء من الآيات والأحاديث تدل على أن العقل في الدماغ، ولكن يذكر الأطباء المعاصرون والفلاسفة المتقدمون: أن القلب إنما هو عبارة عن مضخة للدم، تدفعه إلى جميع أجزاء الجسم، وأن العقل محله الدماغ، وأن الدماغ هو مصدر الذاكرة والتذكر، وأن الدماغ إذا أصيب بشيء عرض له ما يسمى بفقدان الذاكرة، فلا يتذكر الإنسان من ماضيه شيئًا، وأن هناك عمليات أجريت في نقل القلب من إنسان كافر إلى إنسان مسلم، وأن المسلم بمجرد أن أفاق نطق الشهادة، وأقام الصلاة، مع أن قلبه قد نقل من بدن كافر لا يعرف الله سبحانه وتعالى.

وهذا الكلام لا يمكن أن يعارض به النصوص الشرعية، فإننا نتهم الطب، إذا كان فهم النص قاطعًا، فإن لم يكن الفهم قاطعًا بأن كان ظنيًا فإن العلماء مطالبون بفهم النصوص بما يتفق مع الحقائق العلمية، بشرط أن تكون هذه حقائق، وليست نظريات قابلة للتغير؛ لأن الطب ما زال ينقصه الشيء الكثير، ولن يزال كذلك ما دام من نتاج العقل البشري، فإن العقل آفته النقص وهو مهما أوتي يبقى كما قال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً) [الإسراء: ٨٥].

(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: ١٤].

(قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ) [البقرة: ١٤٠].

وقد سمعت بعض مشايخي يقول: إن العقل يصور الشيء، والقلب يقبله أو يرده، فيكون القلب محل الرغبة والرهبة والقبول والرفض، والعقل محل إدراك الشيء وتصوره، وهذا جمع حسن، وقد رأينا أن عاطفة الإنسان من حبه للشيء وميله


(١) البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>