للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معذورًا في التيمم لها، وأما إذا لم تتعين، بأن وجد من يصلي عليها من المتوضئين فإنها لا تجب عليه، لأنها لما كانت على الكفاية جرت مجرى السنن في حقه.

وهذا التعليل عليل، فالرسول صلى الله عليه وسلم تيمم لرد السلام، والطهارة ليست شرطًا، بل ولا واجبًا في رد السلام، وإنما رد السلام من ذكر الله، والطهارة للذكر سنة بالاتفاق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الخطاب في فرض الكفاية موجه إلى جميع الناس إلى أن تفعله طائفة منهم، وأن فعل الجميع يقع فرضًا، وليس من قبيل السنن.

• دليل الشعبي والطبري على جواز صلاة الجنازة بدون طهارة:

حجتهم في ذلك بأن الصلاة على الميت دعاء له بالمغفرة والرحمة، وهذا الفعل لا تشترط له الطهارة.

والصحيح أن الدعاء للميت صلاة، وليست مجرد دعاء له.

قال ابن عبد البر: «وقد أجمعوا أنه لا يصلى عليها إلا إلى القبلة، ولو كانت دعاء كما زعم الشعبي لجازت إلى غير القبلة، ولما أجمعوا على التكبير فيها، واستقبال القبلة علم أنها صلاة، ولا صلاة إلا بوضوء» (١).

قلت: ولو قال: ولا صلاة إلا بطهور لكان أعم؛ لأن الصلاة بالتيمم تجوز، وهي بلا وضوء.

والشارع أطلق على الجنازة صلاة، فقال: صلوا على صاحبكم، وما جاء من الشارع فيحمل على الحقيقة الشرعية، ولا يحمل على الحقيقة اللغوية إلا إذا مع التعذر أو قرينة.

• الراجح من أقوال أهل العلم:

بعد استعراض أدلة الأقوال، نجد أن القول بجواز التيمم لمن خاف فوات الصلاة على الجنازة أو العيد، ويشق عليه أن يصلى على الجنازة بالمقبرة أو على القبر أن


(١) الاستذكار (٣/ ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>