للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللفظ؛ لأن التخيير في المأمور به بين أن يكون قليلًا أو كثيرًا من نوع واحد، يدل على أن الزائد على القليل ليس واجبًا، لأن الدينار الواحد له نصفان، وقد أمر مخيرًا بين أدائه كله، وبين أداء نصف من نصفيه، فإذا أدى النصف كان آتيًا بالمأمور به في أحد شقي الأمر، ولم يأت إلا ببعضه في الشق الآخر وبرئت ذمته بما أتاه من المأمور به، فكان الذي لم يأت به غير واجب عليه، بنفس دلالة اللفظ، فدل لفظ الأمر، على أن بعض مدلوله ليس مرادًا به الوجوب فخرج بذلك عن الحقيقة إلى المجاز، وإذا خرج في بعض مدلوله عن الحقيقة لهذه القرينة القاطعة، خرج في كل مدلوله، لامتناع استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه معًا، وتحقيق ذلك في موضعه من علم الأصول».اهـ كلام شاكر (١).

• دليل القائلين إن كان الدم كذا فدينار أو كذا فنصف دينار:

عمدة القائلين في ذلك بأن ذلك قد ورد عن ابن عباس من قوله، وهو صحابي عربي اللسان، ترجمان القرآن وحبر الأمة، وهو أدرى بما روى، وتفسيره مقدم على تفسير غيره.

والذي يرجح ذلك أن احتمال كون (أو) في قوله «يتصدق بدينار أو نصف دينار» للشك بعيد، وإن كان قد حصل الشك لبعض الرواة؛ لأن الشريعة في نفسها لا يمكن أن يكون فيها حكم مشكوك فيه، وهي من لدن حكيم خبير، والشك وصف عارض قد يطرأ على الإنسان لضعفه وعجزه، وأما حقيقة الأمر فالشريعة ليس فيها شك.

وتحتمل أن (أو) للتخيير، فلما احتملت هذا وهذا رأينا أن تفسير ابن عباس في كون (أو) للتنويع هو الفيصل.

(١٩٢١ - ٣٨١) فقد روى البيهقي، من طريق أبي الجواب، حدثنا سفيان الثوري، عن ابن جريج عن عطاء،


(١) سنن الترمذي (١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>