للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن الأصل الحل، وبراءة الذمة، ولم يرد دليل صحيح صريح في منع الجنب من المكث في المسجد، ولا يجوز منعه إلا بدليل صحيح صريح سالم من المعارضة، ولم يوجد هنا.

[الدليل الثاني]

إذا كان المشرك يدخل المسجد، ويمكث فيه، ولا يبعد أن يكون جنبًا، فالمسلم الجنب من باب أولى،

(٧٩٣ - ١١٣) فقد روى البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد،

أنه سمع أبا هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. وقد اختصره البخاري (١).

وأجاب النووي عن هذا الدليل بقوله: «القياس على المشرك جوابه من وجهين:

الأول: أن الشرع فرق بينهما!! فقام دليل تحريم مكث الجنب، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.

الثاني: أن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد، فلا يكلف بها، بخلاف المسلم، وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئًا لم يلزمه ضمانه، لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي إذا أتلفا» (٢).

ويمكن أن يدفع هذا الكلام، بأن الكافر منهي عما ينهى عنه المسلم، فإذا منع المسلم من دخول المسجد، وقد أكل بصلًا أو ثومًا، منع الكافر كذلك في هذه الحال،


(١) صحيح البخاري (٤٦٢)، وقد رواه البخاري (٣٤٧٢) ومسلم (١٧٦٤) بأطول من هذا.
(٢) المجموع (٢/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>