للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والطهارة تراد لغيرها، فإن تخيل متخيل أن الطهارة شرط للمسح كان محالًا؛ لأن المسح يتقدمه الحدث، وهو ناقض للطهارة، فاستحال تقديرها شرطًا فيه مع تخلل الحدث، فوضح أن الطهارة شرط في اللبس، وكل ما شرطت الطهارة فيه شرط تقديمها بكمالها على ابتدائه ... » (١).

ولأن ما اعتبرت له الطهارة، اعتبر له كمالها كالصلاة، ومس المصحف، فمثله المسح على الخفين.

ولأن الأول خف ملبوس قبل رفع الحدث، فلم يجز المسح عليه كما لو لبسه قبل غسل قدميه، ودليل بقاء الحدث أنه لا يجوز له أن يصلي قبل إتمام الطهارة.

ولو أنه غسل قدمه اليمنى، ثم أدخلها الخف، ثم غسل اليسرى، فأدخل الخف، لم يلزمه على قول الجمهور إلا ن ينزع اليمنى مرة أخرى ثم يلبسها، فيصدق عليه أنه لبسها بعد كمال الطهارة.

• دليل الحنفية على جواز المسح:

حمل الحنفية حديث: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) الطهارة الكاملة وقت الحدث، لا وقت اللبس، فإذا غسل رجله اليمنى، ثم ألبسها الخف، ثم غسل رجله اليسرى، فألبسها الخف، فإذا أحدث جاز له المسح؛ لأنه وقت الحدث يصدق عليه أنه لبس الخف على طهارة كاملة.

قال الكاساني: «ولنا أن المسح إنما شرع لمكان الحاجة، والحاجة إلى المسح إنما تتحقق وقت الحدث بعد اللبس، فأما عند الحدث قبل اللبس فلا حاجة؛ لأنه يمكنه الغسل، وكذا لا حاجة بعد اللبس قبل الحدث؛ لأنه طاهر، فكان الشرط كمال الطهارة وقت الحدث بعد اللبس، وقد وجد» (٢).


(١) المجموع (١/ ٥٤٢).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>