لا خلاف في أن غسل اليدين للوضوء من سنن الوضوء، ولكن غسلها لمن قام من الليل لا يتعلق بالوضوء فقط، وإنما هو لمن أراد غمسها في الإناء سواء كان لوضوء أم لغيره.
• ورد هذا الجواب:
إذا كان غسل اليدين في الطهارة الصغرى والكبرى ليست واجبة، فغسلها للنظافة أبعد عن الوجوب؛ لأن غسل اليد لا يخرج عن ثلاثة أمور، إما عن حدث، كما في غسل اليد بعد غسل الوجه، وهذا من فروض الوضوء، وإما عن نجاسة، فهذا يجب غسلها مرة واحدة تذهب بعين النجاسة، وإما للنظافة، فلا يتعلق بها وجوب، والأصل في تنظيف اليد الإباحة إلا أن يغلب عليها جانب التعبد كالعدد في النظافة فهذا يلحقها بالمستحبات.
[الدليل الثاني]
طهارة اليد متيقنة، ونجاسة اليد مشكوك فيها لقوله صلى الله عليه وسلم:(فإنه لا يدرى أين باتت يده)، فالوجوب يتعلق بالعلم وليس بالشك، وقد كانت اليد طاهرة قبل النوم فيستصحب ذلك، لأن الشك بمجرده لا يقضي على اليقين، فدل ذلك على أن النهي عن غمسها ليس للتحريم، وأن غسلها مستحب وليس بواجب.
قال ابن دقيق العيد: «الأمر -وإن كان ظاهره الوجوب- إلا أنه يصرف عن الظاهر لقرينة ودليل، وقد دل الدليل، وقامت القرينة ههنا؛ فإنه صلى الله عليه وسلم علل بأمر يقتضي الشك، وهو قوله:(فإنه لا يدري أين باتت يده)، والقواعد تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوبًا في الحكم، إذا كان الأصل المستصحب على خلافه موجودًا. والأصل: الطهارة في اليد، فلتستصحب» (١).