أن كلام ابن عباس إنما يقبل في المرأة المبتدأة المميزة التي لا عادة لها، وكذا من نسيت عادتها، وأما المرأة المعتادة فلا يمكن أن نقدم قول ابن عباس على قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رد فاطمة بنت أبي حبيش إلى عادتها.
[الدليل الرابع]
قالوا إن العمل بالتمييز أولى من العمل بالعادة؛ لأن العادة قد تختلف، والتمييز لايختلف؛ ولأن النظر إلى اللون اجتهاد، والنظر إلى العادة تقليد، والاجتهاد أولى من التقليد (١).
وهذا النظر هو في مقابلة النص فيكون نظرًا فاسدًا، وكل نظر في مقابلة النص الشرعي فهو مطروح.
[الدليل الخامس]
قالوا: إن دم الحيض موصوف بأنه أذى، وهو يختلف عن دم العرق الذي هو دم الاستحاضة بصفته، ولو كانت صفتهما واحدة لما فرق الشارع بينهما في الأحكام، فإذا رأت الدم الموصوف بالأذى رأت لونه ورائحتة، وثخونته، وجب أن تعمل به، خاصة وأن الحيض من الأحكام المعقولة المعنى؛ لأن الله وصفه بكونه أذى، فوجب ترك الصلاة إذا رأت ما تعرفه المرأة من دم الحيض ولو خالف عادتها.
• وأجيب:
بأن هذا النظر ممكن أن يكون جيدًا لولا أنه في مقابلة النص، وكل نظر يصادم النص فهو نظر قاصر وإن كان قد يبدو في الظاهر خلاف ذلك، وممكن أن يقال: إن هذه المرأة المستحاضة اختلط دم حيضها بدم استحاضتها، فتركت العمل بالدم وحكمت العادة بصرف النظر عن لون الدم ورائحته ... والله أعلم.