الثاني: نحن لا نناقش وجود دم أكثر من أربعين، بل قد يوجد أكثر من ستين، وسبعين، وربما أكثر من ذلك. ولكن النقاش هل هذا يعتبر دم نفاس أو استحاضة.
فالحيض عندنا لا يمكن أن يستمر شهرًا كاملًا؛ لأن الشهر يتخلله حيض وطهر كما دللنا على ذلك في باب الحيض وكما هو مقرر طبيًا. وأما النفاس فإن لم نأخذ بقول ابن عباس، فلا بد أن نحدد أجلًا إذا جاوزه الدم أصبح دم فساد واستحاضة. فيرجع القول إلى التحديد، وقول ابن عباس أحب إلى، خاصة أنه مذهب جملة من الصحابة. وأكثر التابعين. كما حكاه الترمذي، الله أعلم
[الدليل الثالث]
قالوا: كيف نحكم للدم في الساعة الأخيرة قبل تمام لأربعين بأنه نفاس، وبعده بلحظة نحكم له بأنه استحاضة، والدم هو الدم، والرائحة هي الرائحة، فكيف يفرق الشارع بين متماثلين.
والجواب على هذا أن يقال: هذا يرد أيضًا على الستين، فكيف يكون قبل تمام الستين بساعة واحدة نفاسًا، وبعد تمام الستين دم استحاضة، مع أن الدم هو الدم، والرائحة هي الرائحة.
فإن قالوا: هذا أكثر ما قيل في المسألة.
فالجواب، قد وجدنا من يقول بأكثر من الستين. قال ابن تيمية:«ولا حد لأقل النفاس، ولا لأكثره، ولو زاد على الأربعين، أو الستين أو السبعين وانقطع، فهو نفاس»(١).
ولا أعلم أن القول بأكثر ما قيل يكون من أدلة الشرع المتفق عليها أو المختلف فيها، فهذه كتب الأصول تذكر الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع، والقياس
(١) الاختيارات (ص: ٣٠). وقال في المجموع (٢/ ٥٤١): «وقال القاضي أبو الطيب: قال الطحاوي: قال الليث: قال بعض الناس إنه سبعون يومًا».