للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي، فبال على ثوبه، فدعا بماء، فأتبعه إياه. ورواه مسلم (١).

وجه الاستدلال من هذا الحديث كالاستدلال من الحديث الذي قبله، فإن قيل في الحديث الأول: إن النجاسة كانت على الأرض، فالحديث الثاني النجاسة على ثوب، وهذا دليل على أنه لا فرق بينهما.

[الدليل الثالث]

قالوا من جهة المعنى: الماء المنفصل عن المحل المغسول هو من جملة الماء الباقي في المحل المغسول، فالمنفصل بعض المتصل، والماء الباقي في المحل المغسول طهور بإجماع، فوجب أن يكون المنفصل عنه مثله (٢).

[الدليل الرابع]

إذا غلب الماء على النجاسة ولم يظهر فيه شيء منها فقد طهرها، ولا تضره ممازجته لها إذا غلب عليها، سواء كان الماء قليلًا أم كثيرًا، فقد جعل الله الماء طهورًا، وأنزله علينا ليطهرنا به، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الماء لا ينجسه شيء) يعني: إلا ما غلب عليه من النجاسة فغيره، ومعلوم أنه لا يطهر نجاسة حتى يمازجها، فإن غلب عليها ولم يظهر فيه شيء منها، فالحكم له، وإن غلبته النجاسة فالحكم لها إذا ظهر في الماء شيء منها (٣).

وقد أجمع العلماء على طهارة الخمر، إذا صارت خلًا من غير صانع، لاستهلاك ما كان يخامر العقل منها بطريان التحليل عليه، فلأن تطهر النجاسة، ويزول حكمها باستهلاك الماء لها أولى وأحرى (٤).


(١) صحيح البخاري (٢٢٢) ومسلم (٢٨٦).
(٢) كتاب تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (١/ ٤٤).
(٣) الاستذكار (٣/ ٢٥٩).
(٤) تهذيب المسالك (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>