للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الرابع]

إذا كانت الحائض لا تمنع من دخول المسجد على الصحيح، مع أن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، فالجنب من باب أولى،

(٧٩٥ - ١١٥) فقد روى البخاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد،

عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ قلت: لوددت والله أني لم أحج العام. قال: لعلك نُفِست؟ قالت: نعم. قال: فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري». ورواه مسلم (١).

وجه الاستدلال:

(افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي في البيت) فيقال: إن الاستثناء معيار العموم، فلم يستثن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا الطواف، ومعلوم أن الحاج يمكث في المسجد، ولو كان لا يحل لها لنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنه. وبهذا الاستدلال قال ابن حزم، فقد قال: «لو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض لأخبر بذلك عليه السلام عائشة إذ حاضت، فلم ينهها إلا عن الطواف في البيت، ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه السلام عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف» (٢).

وهذا الاستدلال فيه نظر؛ لأن استثناء الطواف من العموم السابق:

(افعلي ما يفعل الحاج) فكأنه قال: افعلي جميع المناسك ما عدا الطواف، والمكث في المسجد ليس من الأعمال الخاصة بالمناسك، والله أعلم.

ومع أن هذا الدليل لا أراه كافيًا في الاستدلال بمنع الحائض من دخول المسجد،


(١) صحيح البخاري (٣٠٥). رواه مسلم (١٢٠/ ١٢١١).
(٢) المحلى مسألة (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>