(١٦١٥ - ٧٧) ما رواه البخاري، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد -يعني ابن سيرين-.
عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا (١).
فكلمة (شيء) نكرة في سياق النفي فتعم، فلا تعد الصفرة شيئًا لا قبل الطهر ولا بعد الطهر.
قلت: قد روته حفصة بنت سيرين عن أم عطية بزيادة: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا). وهي زيادة وإن لم يخرجها البخاري، إلا أنه اعتمدها في فقه ترجمته، فقال: باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض.
وإذا اختلف على أم عطية بين حفصة وأخيها، وكل منهما ثقة، فإما أن يكون هذا الاختلاف سببًا في رد الأثر والحكم عليه بالاضطراب، وإما نسلك مسلك الترجيح بينهما، وإذا كان هناك نظر للترجيح فأثر حفصة أولى للأسباب التالية:
أولًا: أن حفصة امرأة، وتروي هذا الأثر عن امرأة مثلها، وفيما يخص النساء فقط، ولا شك أن اهتمام المرأة في نقل ما يخصها، ودخول المرأة على مثلها، وسماعها منها أيسر من دخول الرجل على المرأة وسماعه منها.
ثانيًا: أن أثر حفصة يتفق مع أثر عائشة، لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، كما يتفق مع أثر أسماء، اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك، حتى لا ترين إلا البياض خالصًا، وكل هؤلاء نساء، وهن أعلم في نقل ما يخصهن، فإذا رأيت مجموعة هذه الآثار رأيتها مرجحًا آخر لأثر حفصة، عن أم عطية، بينما ابن سيرين لم يشهد له أي أثر من آثار الصحابة.
ثالثًا: أن الطب يشهد لأثر حفصة؛ لأن الحيض ليس دمًا خالصًا كدم العرق،