للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن بعدهم، وثبوت القول شيء والراجح شيء آخر، فلا يلزم من ثبوت القول ثبوت الصحة، فقد يكون القول ثابتًا، وهو قول ضعيف من حيث الدلالة. والله أعلم.

وقد ذهب بعض أهل العلم أن القول بالمسح كان في أول الأمر ثم نسخ، وقد ذهب إلى هذا ابن حزم والطحاوي رحمهما الله تعالى، وهذا أيضًا ليس بصواب.

قال ابن حزم: «القرآن نزل بالمسح ... ثم قال: وإنما قلنا بالغسل فيهما لما حدثناه، ثم ساق بإسناده حديث (ويل للأعقاب من النار) فكان هذا الخبر زائدًا على ما في الآية، أو على الأخبار التي ذكرنا، وناسخًا لما فيها ولما في الآية، والأخذ بالزائد واجب ... » إلخ كلامه رحمه الله تعالى (١).

وقال الطحاوي بعد أن ساق حديث عبد الله بن عمر (تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا صلاة العصر، ونحن نتوضأ، ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار) قال الطحاوي رحمه الله: «فدل على أن حكم المسح الذي كانوا يفعلونه قد نسخه ما تأخر عنه مما ذكرناه» (٢).

ودعوى النسخ مصير من الطحاوي إلى القول بأن الفرض أول ما كان هو المسح فقط، ثم مسح بالغسل، وكان متأخرًا عنه، وإثبات هذا فيه ما فيه، ولا يلزم تخريج الطحاوي من يقول: إن الفرض المسح أو الغسل.

• دليل من قال: إن فرض الرجلين المسح:

* الدليل الأول:

الاستدلال بقراءة جر (وأرجلكم) من قوله تعالى: (بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة: ٦].


(١) المحلى (١/ ٣٠١).
(٢) الطحاوي (١/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>