شيبة، وأبو كريب، ثلاثتهم عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد. قالت، فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك (١).
وقد ناقشت اختلاف العلماء في دلالة الحديث، وأن الحديث يحتمل المرور في المسجد، ويحتمل أن المراد بالمسجد المصلى الذي في المنزل، ويحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي في المسجد، وأن عائشة كانت في البيت ومع الاحتمال لا يمكن الجزم بدلالة الحديث على المراد. انظر أدلة كل احتمال في أدلة المسألة السابقة.
[الدليل الثاني]
استدلوا بقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا). فإذا صح للجنب أن يعبر المسجد جاز ذلك للحائض، وقد ناقشت دلالة الآية على المراد، واختلاف العلماء في تفسيرها.
وقد ثبت عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب بأن المراد بعابري السبيل المسافرون إذا لم يجدوا الماء يتيممون، وهو قول جماعة من التابعين انظر المسألة التي قبل هذه.
وعلى تسليم إباحة العبور للجنب يبقى هل يسلم لهم قياس الحائض عليه فإن حدث الحيض أغلظ من حدث الجنابة، فإن الحائض متلبسة بالحدث وبالنجاسة، أما الجنب فهو محدث فقط، ولذا يصح صيام الجنب ولا يصح صيام الحائض.
ومع ضعف الدليلين إلا أن هذا القول هو الصحيح؛ لأنه لم يرد دليل صحيح صريح في منع الحائض من المكث فضلًا عن العبور.