للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال الشوكاني: «وما نقل من الإجماع على عدم وجوب الاستنثار متعقب بهذا» (١).

قلت: قد يسلم بوجوب الاستنشاق للأمر به، لكن لا يسلم قياس المضمضة على الاستنشاق، فإن الأنف يحتاج إلى التنظيف أكثر من الفم، وهو موضع أذى، وهو بمثابة منق للهواء، مما يحمله من أتربة وغبار، فيحتاج إلى تعاهده بالتنظيف، ولذلك أمر المسلم إذا استيقظ من نوم الليل كما في الصحيحين أن يستنثر ثلاثًا، بينما الفم هو نظيف أبدًا بما فيه من اللعاب، ولذا لم أقف على حديث صحيح يأمر بالمضمضة بخلاف الاستنشاق.

هذه أدلة الحنابلة على وجوب المضمضة والاستنشاق، ورأينا أن الأدلة على وجوب المضمضة ضعيفة، فإذا كانت كذلك فلا يصح قياس الحدث الأكبر على الحدث الأصغر، على أنها لو كانت الأدلة صحيحة وسالمة من القدح لم يسلم لهم قياس الحدث الأكبر على الأصغر، فإن هناك فروضًا في الحدث الأصغر لا تجب في الحدث الأكبر، والعكس، وجميع أحاديث الغسل ليس فيها الأمر في المضمضة والاستنشاق، ولو كانا واجبين لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.

• دليل من قال بوجوب الاستنشاق دون المضمضة:

(١٦٦٨ - ١٣٠) استدلوا بما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر. ورواه مسلم (٢).


(١) لم أقف على قول لأحمد يقول بوجوب الاستنثار في كتب الحنابلة كالمغني، والفروع، والإنصاف، وغيرها. وأما أبو عبيد فالموجود في كتابه (الطهور ص: ٣٣٧) وجوب المضمضة والاستنشاق، والاستنشاق آكد.
وكذلك الثابت عن ابن المنذر كما في كتابه الأوسط (١/ ٣٧٩) وجوب الاستنشاق دون المضمضة، كما سوف أعرض رأيه عند ذكر هذا القول.
(٢) البخاري (١٦٢) ومسلم (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>