بأن أحاديث نهي الجنب ليست قوية أيضًا، وعلى التسليم بصحتها فهي مجرد فعل من النبي صلى الله عليه وسلم، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، والرسول صلى الله عليه وسلم قد كره ذكر الله إلا على طهارة عندما تيمم لرد السلام، فهل يقال: باشتراط الطهارة لرد السلام. ثم إن قولكم: إن الحيض قد يطول، ولا يملك الإنسان رفعه، فهذا ليس دليلًا؛ لأن القراءة إن كانت حرامًا عليها فلا يبيحها لها طول أمدها، وإن كانت حلالًا فلا معنى للاحتجاج بطول المدة، وقد يندفع هذا المحذور بتذكر القرآن بالقلب، وهو غير ممنوع، وإذا أبحتم القراءة للحائض، وهي أشد حدثًا من الجنب؛ لأن الحائض تمنع مما يمنع منه الجنب وزيادة، كالوطء والصوم، إذا جاز مع ذلك القراءة للحائض، جاز للجنب من باب أولى، وأما ما نقل عن الصحابة، فلا حجة فيه مع اختلافهم، فابن عباس لا يرى مانعًا من قراءة الجنب للقرآن.
• دليل من أذن في قراءة الآية والآيتين:
(١٧٥٨ - ٢١٩) استدلوا بما جاء في حديث أبي سفيان الطويل في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل الروم، رواه البخاري من طريق شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره،
أن أبا سفيان بن حرب أخبره، أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، وفي آخر الحديث: قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا