للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقوله: (خلل) أمر، والأصل في الأمر الوجوب.

قال الشوكاني في النيل: «والأحاديث قد صرحت بوجوب التخليل، وثبتت من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله، ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل، وعدمه، ولا بين أصابع اليدين والرجلين، فالتقيد بأصابع الرجلين، أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه».اهـ

والقول بالوجوب فيه نظر؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما ذكر في القرآن الغسل، وحقيقته: جريان الماء على العضو، والتخليل زيادة عليه، فهو داخل في الكمال، والأحاديث التي وصفت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما كما في حديث عثمان وعبد الله بن زيد وابن عباس وغيرها لم يرد فيها ذكر التخليل، مع أن الصحابة في مقام البيان والتعليم، فلو كان واجبًا لما أهملوا ذكره، والله أعلم.

[- دليل التفريق بين أصابع اليدين والرجلين.]

قال الخرشي: وإنما وجب تخليل أصابع اليدين دون أصابع الرجلين لعدم شدة اتصال ما بينهما، بخلاف أصابع الرجلين، فأشبه ما بينهما الباطن لشدة اتصال ما بينهما. اهـ

وذكر ابن العربي تعليلًا آخر، فقال: والحق أنه واجب في اليدين على القول بالدلك، غير واجب في الرجلين، لأن تخليلها بالماء يقرح باطنها، وقد شاهدنا ذلك، وما علينا في الدين من حرج في أقل من ذلك، فكيف في تخليل تتقرح به الأقدام؟ (١).

قلت: لا فرق بينهما في وجوب جريان الماء بين الأصابع، فالتخليل زائد على الغسل، فيكون التخليل سنة فيهما، وأما كون بعض الأدلة قد تذكر أصابع الرجلين فقط كما في حديث المستورد بن شداد، فهو إن صح فهو ذكر لفرد من أفراد العام أو المطلق، لا يقتضي تخصيص العام أو تقييد المطلق، وقد جاء في حديث ابن عباس النص


(١) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>