للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: لا بد من اليقين، وهو قول في مذهب الحنفية (١)، وقول في مذهب الحنابلة (٢).

• دليل من قال: يكفي غلبة الظن:

[الدليل الأول]

(١٤٠٥ - ١٤٧) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،

عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده، وقالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم من إناء واحد، نغرف منه جميعًا، ورواه مسلم، واللفظ للبخاري (٣).

وجه الاستدلال:

قوله: (حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته) وغسل الجنابة إحدى الطهارتين؛ لأن الطهارة إما عن حدث، وإما عن خبث، فإذا جاز الاكتفاء بالظن في طهارة الحدث، جاز في طهارة الخبث.

• ويناقش هذا الاستدلال:

أولًا: يحتمل أن يكون الظن هنا، بمعنى العلم، فيكون معناه: حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته: أي حتى إذا علم. وإطلاق الظن على العلم كثير في اللغة العربية، قال تعالى: (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ) [الحاقة: ٢٠]، وقال: (فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا) [الكهف: ٥٣]، وقد يطلق العلم على الظن، قال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ) [الممتحنة: ١٠]، فالعلم هنا متعذر؛ لأن الإيمان أمر قلبي، لكن يراد به غلبة الظن.


(١) حاشية ابن عابدين (١/ ٣٤٥).
(٢) الإنصاف (١/ ١١٠).
(٣) صحيح البخاري (٢٧٣)، ومسلم (٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>