للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصلها فنحكم لها بالنجاسة، أو ننظر إلى حالها الحادث، فنحكم لها بالطهارة؟.

هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، بعد اتفاقهم على طهارة الخمر إذا انقلب خلًا بنفسه على القول بنجاسة الخمر.

واتفاقهم على طهارة الدم المنقلب إلى مسك، على القول بنجاسة الدم.

فقيل: إن الاستحالة مطهرة، وهو مذهب الحنفية (١)، ومذهب المالكية (٢)، واختيار ابن حزم (٣)، ورجحه ابن تيمية (٤).

وقيل: لا تأثير للاستحالة، وهو مذهب الشافعية (٥)، والحنابلة (٦).

• دليل من قال: إن الاستحالة مطهرة:

[الدليل الأول]

القياس على الخمرة تنقلب خلًا بذاتها، فقد أجمع العلماء على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها حَلَّت وجاز تناولها بالإجماع، فكذلك سائر المحرمات والنجاسات إذا انقلبت إلى عين مباحة صار لها حكم المباحات.

قال ابن تيمية: «إذا انقلبت الخمر خلا بغير قصد آدمي فإنها طاهرة حلال باتفاق الأئمة» (٧).


(١) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٣١٣)، بدائع الصنائع (١/ ٦٢).
(٢) مواهب الجليل (١/ ٩٧).
(٣) المحلى (٦/ ١٠١).
(٤) الفتاوى الكبرى (١/ ٤٤١).
(٥) المجموع (٢/ ٥٩٢)، تحفة المحتاج (١/ ٣٠٣)، نهاية المحتاج (١/ ٢٤٧).
(٦) المغني (١/ ٦٥)، الإنصاف (١/ ٣١٨).
(٧) الفتاوى الكبرى (١/ ٤٤١).
وقال ابن قدامة في المغني (٩/ ١٤٦): «إذا انقلبت (يعني الخمرة) بنفسها، فإنها تطهر وتحل، في قول جميعهم فقد روي عن جماعة من الأوائل، أنهم اصطبغوا بخل خمر؛ منهم علي، وأبو الدرداء، وابن عمر، وعائشة. ورخص فيه الحسن، وسعيد بن جبير، وليس في شيء من أخبارهم أنهم
اتخذوه خلًّا، ولا أنه انقلب بنفسه، لكن قد بينه عمر بقوله: لا يحل خل خمر أفسدت حتى يكون الله هو يتولى إفسادها؛ ولأنها إذا انقلبت بنفسها، فقد زالت علة تحريمها، من غير علة خلفتها، فطهرت، كالماء إذا زال تغيره بمكثه».اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>