قال: وقال أبي: ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. ورواه مسلم دون زيادة الوضوء لكل صلاة (١).
وجه الاستدلال:
قوله:(ثم توضئي لكل صلاة) فأمرها بالوضوء من دم الاستحاضة، وعلل ذلك بأنه دم عرق، فيؤخذ منه أن دماء العروق الخارجة من البدن توجب الوضوء من أي موضع خرجت؛ لأنه لم يعلل الوضوء بأنه دم خارج من سبيل، بل قال: إنما ذلك عرق.
• ويجاب عن ذلك:
أولًا: أن الدم ليس بنجس على الصحيح، وأنتم تخصون النقض بما كان نجسًا، وسيأتي تحرير ذلك بحول الله وقوته في كتاب أحكام النجاسة، وإذا كان الدم طاهرًا لم يكن ناقضًا كالعَرَق والبصاق واللبن والدمع ونحوها.
ثانيًا: أن قوله: (إنما ذلك عرق) ليس تعليلًا لإيجاب الوضوء، وإنما هو تعليل لوجوب الصلاة؛ لأن السؤال كان عن الصلاة، حيث قالت: أفادع الصلاة؟ قال: لا؛ إنما ذلك عرق، ولذلك لما خالف دم الاستحاضة دم الحيض لم يمنع من الصلاة وإن كان دمًا وخارجًا من سبيل.
ثالثًا: قد بينا أن قوله: (توضئي لكل صلاة) إنما هو من كلام عروة، وليس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق أن نقلنا كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله بأن أحاديث الوضوء لكل صلاة في حق المستحاضة مضطربة ومعلة.
* الدليل الثاني:
(٣٩١ - ٢٤٥) ما رواه الترمذي، قال: حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر وهو أحمد ابن عبد الله الهمداني الكوفي وإسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث،
(١) البخاري (٢٢٨)، ومسلم (٢٣٤)، انظر تخريجه، في المجلد السابع، في كتاب الاستنجاء ح (١٥١٦).