للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك أن يكون كذلك جلد الميتة، يحرم بحدوث صفة الموت فيه، ويحل بحدوث صفة الأمتعة فيه من الثياب وغيرها فيه، وإذا دبغ فصار كالجلود والأمتعة فقد حدثت فيه صفة الحلال، فالنظر على ما ذكرنا أن يحل أيضًا بحدوث تلك الصفة فيه.

وحجة أخرى أن قد رأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسلموا لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح نعالهم وخفافهم وأنطاعهم التي كانوا اتخذوها في حال جاهليتهم، وإنما كان ذلك من ميتة، أو من ذبيحة، فذبيحتهم حينئذ إنما كانت ذبيحة أهل الأوثان، فهي في حرمتها على أهل الإسلام كحرمة الميتة، فلما لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرح ذلك، وترك الانتفاع به، ثبت أن ذلك كان قد خرج من حكم الميتة ونجاستها بالدباغ إلى حكم سائر الأمتعة وطهارتها، وكذلك كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحوا بلدان المشركين لا يأمرهم بأن يتحاموا خفافهم ونعالهم وأنطاعهم وسائر جلودهم، فلا يأخذوا من ذلك شيئًا، بل كان لا يمنعهم شيئًا من ذلك، فذلك دليل أيضًا على طهارة الجلود بالدباغ» (١).

• دليل من استثنى جلد الكلب والخنزير.

أخذ الحنفية والشافعية بعموم حديث: أيما إهاب دبغ فقد طهر (٢)، وعموم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت (٣)، قال الشافعي: وجلود ما لا يؤكل لحمه من السباع قياسًا عليها إلا جلد الكلب والخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ؛ لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة، وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسا حيًّا (٤).

وقالوا: إن العموم في قوله صلى الله عليه وسلم: أيما إهاب دبغ، أراد بهذا العموم الجلود المعهود


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٤٧٢).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) الأم (١/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>