للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدثه، قال:

سافر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم أره يسبح في السفر، وقال جل ذكره: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: ٢١] (١).

فالسفر في هذه الأحاديث، وفي غيرها مطلق لم يقيد بشيء، فمن قيده بمسافة معينة، فعليه الدليل، ولا دليل.

ويجاب عن هذه الأحاديث بما أجيب عنه في الآية الكريمة، وأن السفر ليس المقصود به كل سفور عن محل الإقامة، بل المراد به سفور معين، وإذا لم يصدق السفر على بعض أفراده بطل الاستدلال.

[الدليل الثالث]

أن التقدير بابه التوقيف، فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، سيما وليس له أصل يرد إليه، ولا نظير يقاس عليه.

[الدليل الرابع]

(٦٣٠ - ١٢٧) ما رواه مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه،

أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر (٢).

وإسناده صحيح، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهل مكة في عرفة أو مزدلفة أو منى: أتموا، وعليه فقد صلى أهل مكة بعرفة، ومزدلفة ركعتين، وهي أقل من أربعة برد.

قال ابن تيمية: «وأما القصر فلا شك أنه من خصائص السفر، ولا تعلق له بالنسك، ولا مسوغ لقصر أهل مكة بعرفة وغيرها إلا أنهم سفر، وأي فرق بين سفر أهل مكة إلى عرفة وبين سفر سائر المسلمين إلى قدر ذلك من بلادهم، والله لم يرخص


(١) صحيح البخاري (١١٠١)، وانظر مسلم (٦٨٩).
(٢) الموطأ (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>