للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدليل الثالث]

(٦٤) ما رواه أحمد من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة،

عن ابن عباس أن امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم استحمت من جنابة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ من فضلها، فقالت: إني اغتسلت منه، فقال: إن الماء لا ينجسه شيء (١).

[إسناده ضعيف] (٢).


(١) المسند (١/ ٢٤٨).
(٢) مدار هذا الإسناد على سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس.
ورواية سماك عن عكرمة مضطربة، وقد تكلمت عن إسناده في الشاهد الثالث عند تخريج الحديث رقم (١٠)، وسوف أتكلم إن شاء الله تعالى في هذا الباب عن متنه فقط، فقد جاء في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليتوضأ، وفي بعضها جاء ليغتسل .. وهذا الاختلاف لا يؤثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقدم غسله الوضوء.
وهناك اختلاف آخر في متن الحديث، فرواه شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وإسرائيل، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: إن الماء لا ينجسه شيء، ورواه يزيد بن عطاء عن سماك بلفظ: إن الماء ليس عليه جنابة.
ويزيد بن عطاء ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وفي التقريب: فيه لين.
ورواه أيضًا أبو الأحوص عن سماك: وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (إن الماء لا يجنب) كما عند أبي داود (٦٨) والترمذي (٦٠) وابن ماجه (٣٧٠) وابن حبان (١٢٦١).
وأبو الأحوص ثقة متقن كما في التقريب، ولكن جاء الحديث من طريق أبي الأحوص أيضًا بما يوافق رواية الجماعة، كما في صحيح ابن حبان (١٢٤١) والطبراني (١١٧١٦) أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (إن الماء لا ينجسه شيء) وفي لفظ الطبراني (إن الماء لا ينجس).
ورواه شريك، عن سماك بالشك: إن الماء ليس عليه جنابة، أو قال: إن الماء لا ينجس.
وشريك سيء الحفظ، وخالف في إسناده كما سبق بيانه عند الكلام على إسناد الحديث انظر (١٠).
فيكون المحفوظ من الحديث قوله: إن الماء لا ينجس؛ خاصة إذا علمنا أيضًا أن للحديث شاهدًا من حديث أبي سعيد والله أعلم.
وهل هناك فرق بين اللفظتين بين قوله صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا يجنب، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: إن الماء لا ينجسه شيء؟
الجواب: نعم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الماء لا ينجسه شيء) أعم من قوله: (إن الماء لا يجنب)؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجنب) أي لا تنتقل إليه الجنابة، والجنابة ليست نجاسة، بخلاف (إن الماء لا ينجسه شيء) هذا فرق، وحتى ولو لم يكن هناك فرق فإن معرفة اللفظ النبوي عبادة، والله أعلم.
فالخلاصة أن الحديث باغتسال النبي صلى الله عليه وسلم من فضل وضوء المرأة لا يثبت من حديث ابن عباس؛ لأنه جاء من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، وروايته مضطربة، كما أن فيه اختلافًا في وقفه ورفعه، وسماك قد نص العلماء أنه يرفع أحاديث عكرمة عن ابن عباس، فيجعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود في مسائله لأحمد (ص: ٤٤٠) رقم ٢٠١٦: سمعت أحمد قال: قال شريك: كانوا يلقنون سماكًا أحاديثه عن عكرمة، يلقنونه عن ابن عباس، فيقول: عن ابن عباس. اهـ
ولفظ: إن الماء لا ينجس قد ثبت من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وسبق تخريجه، والحمد لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>